الأربعاء، 21 أغسطس 2019

حديث التردد الإلهي !

ثبت عن النبي ﷺ: "إنَّ الله قالَ: "مَن عادىٰ لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ." وفي رواية: "ولابد له منه". أي: لابد أن يموت.
قلت:-
 الحديث شاهد قوي لما نبّه إليه ابن تيمية من أن الشرع جاء في صفات الله تعالى بالإثبات المفصّل والنفي المُجمل. لأن مجرد النفي والتنزيه لا يُـكَـوِّن تصورا عن شيء غائب عن الحس، والإطناب والتفصيل في التنزيه لا حاجة إليه لأنه يتقرر مفهوما عند التفصيل في صفات الجلال  والجمال لله سبحانه وتعالى؛ فإثبات القوّة والغنىٰ نفيٌ للضعف والافتقار وهكذا، وفي الاشتغال بالنفي المفصّل تضييع للمقصود الأعظم للوحي من تدبر ما جاء به من إثبات مُـفَصّل، وهذا كيد عظيم من الشيطان الرجيم.
 وما كان متضمنا لمعنى لا يجوز على الله فإنا لا نُثبت لله منه إلا ما يناسب كمالَه وتفرّده عن خلقه سبحانه وتعالى. كما أن صفة الغضب والفرح وأنه سبحانه يَعجَب ونحوها من الصفات لايثبت لله منها ما يختص به المخلوق مما لا يليق بالخالق سبحانه. فالمخلوق يغشاه الغضبُ بغير اختيار منه ويُضعف حكمته وبصيرته فيحمله أحيانا على ما لايحسن من قول أو فعل، أما الخالق سبحانه فهو منزّه بالضرورة عن هذه العوارض. 
# فكذلك التردد في الحديث راجع إلى محبة الله العظيمة لعبده المؤمن وهذه المحبة من الله محبة قوية كاملة تليق به سبحانه، والموت شيء فظيع ينزل بالعبد وسكراته شديدة وآثاره عظيمة حتى يكون دفنه في التراب هو غاية إكرامه والإحسان إليه، فهل من كمال الله في حبه لأولياءه أن يكتب هذا عليهم بلا كراهية عظيمة لكتابته عليهم. 

إن الوالد المحب لولده حبا صادقا لو اقتضت الحكمة والمصلحة أن يضربه تأديبا ومنعا من التمادي فيما يضره فلابد أنه يكره هذا الضرب أشد الكراهية وتنزع به نفسه أن يصفح عنه ولكنه يمضي فيما توجبه الحكمة والنصح للولد وهو كُره له، ومن حبه لولده لم يهن عليه إيلامه حتى يكاد في كل مرة أن لا يفعل وهذا هو أصل التردد حقيقةً أما لو أنه أخذ العصا ثم غلبته الرحمة فوضعها فهذا أثر التردد الذي في قلبه وليس هو أصل التردد، فاضطرابه في الفعل هو النقص الذي يُنزّه عنه الخالق سبحانه، أما أصل التردد -الذي يقوم في النفس- فليس في إثباته للخالق نقص بل هو كمال عظيم في حبه سبحانه لأولياءه حتى اقتضى ذلك أن يكتب الله عليهم الموت وهو يحب أن لا يكتبه فهذا هو التردد الموصوف به كمالاً في محبته لأوليائه وكمالا في كراهيته سبحانه لما يسوؤهم.

ونقْصٌ في ذلك الوالد لو لم يتصف بأصل التردد-القائم في النفس- عند ضربه لولده لأن سببه ضعف محبة الولد، فصار يضربه ضرب العدو لعدوه، والسلامة من هذا النقص كمال يُمدح ، والله أولى بهذا الكمال كما يليق به سبحانه

ويُنفى عن الله سبحانه تردد المخلوقين -الذي يتضمّن غالبا اضطرابا في الفعل وتحيـّـرا- لأنه سبحانه لكمال علمه وقدرته وكمال حكمته وعزته لم يضطرب ولم يتحيّر عندما كتب الموت على أولياءه ولكنه سبحانه كره هذا السوء لأولياءه حين كتبه عليهم أشد الكره وأعظمه حتى كاد ألّا يكتبه عليهم، وهذا من كمال محبته لأوليائه المؤمنين.
ولله من الحكمة والعلم ما اقتضى كون الموت سنّة عامّة على خلقه في الدنيا، فأمضاه على أولياءه وأعدائه على السواء. 
في مجموع فتاوى ابن تيمية [483/10] ومابعدها:-
«.. فهو سبحانه لما كره مساءة عبده المؤمن الذي يكره الموت كان هذا مقتضيا أن يكره إماتته مع أنه يريد إماتته؛ لما له في ذلك من الحكمة سبحانه وتعالى.»

ويزول الإشكال إذا علمنا أن إرادة الله المتعلقة بعموم الموجودات إيجادا وتقديرا لا يلزم منها أن تكون محبوبة لله سبحانه من كل وجه، ولكن الدنيا من أصلها دار تمحيص وبلاء وامتحان وليست أصلا دار كمال واستقرار وسلامة.

 في مجموع الفتاوى لابن تيمية[129/18] :-
وسئل شيخ الإسلام عن قوله ﷺ فيما يروي عن ربه عز وجل: "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته"، ما معنى تردد الله؟

فأجاب: هذا حديث شريف قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء، وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لايوصف بالتردد وإنما يتردد من لايعلم عواقب الأمور والله أعلم بالعواقب. وربما قال بعضهم: إن الله يعامل معاملة المتردد. والتحقيق: أن كلام رسوله ﷺ حق وليس أحد أعلم بالله من رسوله ﷺ ولا أنصحَ للأمة منه ولا أفصحَ ولا أحسنَ بيانا منه فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس وأجهلهم وأسوأهم أدبا بل يجب تأديبه وتعزيره ويجب أن يصان كلام رسول الله ﷺ عن الظنون الباطلة والاعتقادات الفاسدة، ولكن المتردد منا وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم هذا باطل فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ويكرهه لما فيه من المفسدة لا لجهله منه بالشيء الواحد الذي يحَـب من وجه ويُكرَه من وجه كما قيل:-
 الشيب كرهٌ وكرهٌ أن أفارقه
              فاعجب لشيءٍ على البغضاء محبوبُ 
      وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: "حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره" وقال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ} الآية. ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث فإنه قال: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبا للحق محبا له يتقرب إليه أوّلًا بالفرائض وهو يحبها ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة بحيث يحب ما يحبه محبوبه ويكره ما يكرهه محبوبه والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه. والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه وهو مع ذلك كارهٌ لمساءة عبده وهي المساءة التي تحصل له بالموت فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه وهذا حقيقة التردد وهو: أن يكون الشيء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه وإن كان لا بد من ترجح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته. 
    ثم قال بعد كلام سبق ذكره: ومن هذا الباب ما يقع في الوجود من الكفر والفسوق والعصيان فإن الله تعالى يبغض ذلك ويسخطه ويكرهه وينهى عنه وهو سبحانه قد قدره وقضاه وشاءه بإرادته الكونية وإن لم يرده بإرادة دينيةٍ هذا هو فصل الخطاب فيما تنازع فيه الناس: من أنه سبحانه هل يأمر بما لا يريده؟ فالمشهور عند متكلمة أهل الإثبات ومن وافقهم من الفقهاء أنه يأمر بما لا يريده، وقالت القدرية والمعتزلة وغيرهم: إنه لا يأمر إلا بما يريده. والتحقيق: أن الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة دينية شرعية وإرادة كونية قدرية: فالأول كقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} وقوله تعالى {ولكن يريد ليطهركم} وقوله تعالى {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم} إلى قوله: {والله يريد أن يتوب عليكم} فإن الإرادة هنا بمعنى المحبة والرضى وهي الإرادة الدينية. وإليه الإشارة بقوله: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} . وأما الإرادة الكونية القدرية فمثل قوله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} ومثل قول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. فجميع الكائنات داخلة في هذه الإرادة والمشيئة لا يخرج عنها خير ولا شر ولا عرف ولا نكر وهذه الإرادة والمشيئة تتناول ما لا يتناوله الأمر الشرعي وأما الإرادة الدينية فهي مطابقة للأمر الشرعي لا يختلفان، وهذا التقسيم الوارد في اسم الإرادة يرد مثله في اسم الأمر والكلمات والحكم والقضاء والكتاب والبعث والإرسال ونحوه؛ فإن هذا كله ينقسم إلى كوني قدري وإلى ديني شرعي. والكلمات الكونية هي: التي لا يخرج عنها بر ولا فاجر وهي التي استعان بها النبي ﷺ في قوله: "أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر" قال الله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} . وأما الدينية فهي: الكتب المنزلة التي قال فيها النبي ﷺ "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" وقال تعالى: {وصدقت بكلمات ربها وكتبه} . وكذلك الأمر الديني كقوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} والكوني: {إنما أمره إذا أراد شيئا} . والبعث الديني كقوله تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم} والبعث الكوني: {بعثنا عليكم عبادا لنا}. والإرسال الديني كقوله: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق} . والكوني: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} . وهذا مبسوط في غير هذا الموضع. فما يقع في الوجود من المنكرات هي مرادة لله إرادة كونية داخلة في كلماته التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وهو سبحانه مع ذلك لم يردها إرادة دينية ولا هي موافقة لكلماته الدينية ولا يرضى لعباده الكفر ولا يأمر بالفحشاء فصارت له من وجه مكروهة. ولكن هذه ليست بمنزلة قبض المؤمن فإن ذلك يكرهه لكراهة مساءة المؤمن وهو يريده لما سبق في قضائه له بالموت فلا بد منه، وإرادته لعبده المؤمن خير له ورحمة به؛ فإنه قد ثبت في الصحيح: "أن الله تعالى لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" . وأما المنكرات فإنه يبغضها ويكرهها؛ فليس لها عاقبة محمودة من هذه الجهة إلا أن يتوبوا منها فـيُـرحموا بالتوبة وإن كانت التوبة لا بد أن تكون مسبوقة بمعصية؛ ولهذا يجاب عن قضاء المعاصي على المؤمن بجوابين: أحدهما: أن هذا الحديث لم يتناولها وإنما تناول المصائب. والثاني: أنه إذا تاب منها كان ما تعقبه التوبة خيرا فإن التوبة حسنة وهي من أحب الحسنات إلى الله والله يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه أشد ما يمكن أن يكون من الفرح وأما المعاصي التي لا يتاب منها فهي شرعلى صاحبها، والله سبحانه قدر كل شيء وقضاه؛ لما له في ذلك من الحكمة كما قال سبحانه: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ} وقال تعالى: {الذي أحسن كل شيء خلقه} فما من مخلوق إلا ولله فيه حكمة. ولكن هذا بحر واسع قد بسطناه في مواضع والمقصود هنا: التنبيه على أن الشيء المعين يكون محبوبا من وجه مكروها من وجه وأن هذا حقيقة التردد وكما أن هذا في الأفعال فهو في الأشخاص. والله أعلم.» 
انتهى كلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


خلق آدم على صورة الرحمٰن !

عن أبي هريرة: قال النبي ﷺ: «إذا ضرَبَ أحدُكم فليَجتَنِبِ الوَجْهَ، ولايَقُلْ: قَبَّحَ اللهُ وَجهَكَ، ووَجْهَ مَن أشبَهَ وَجهَكَ؛ فإنَّ الله عزَّ وجلَّ خلَقَ آدمَ على صورَتِه.»

قال شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند ٩٦٠٤  :  "إسناده قوي" 


# لقد كَره الإمام مالك إذاعة هذا الحديث بتمامه وأحبَّ الاكتفاء بأول الحديث لحاجة الناس إليه وترتب عملٍ عليه لينتهوا عما نُهوا عنه من ضرب الوجه وتقبيحه، واختارَ أن يُخزَن عن العامة باقي الحديث، ولايحسن هذا الكتمان لولا خشية الفتنة وأن يُساء فهْمُ الحديث ويُظن بالله ما لاينبغي. وهذا الحديث يوهم كثيرا من الناس أمرا عظيما لاينبغي إثبات مثله بدلالة ظنّية محتملة، وهي دلالة أنكرها ونفاها غير واحد من أئمة الإسلام.

      فحديث الصورة إذن من المتشابه الذي يجب فهمه في ضوء المحكم:﴿لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦشَیۡءࣱ…﴾ ،، وهذه الآية هي أصل الأصول المحكمات في باب الصفات. 

فلايمكن لهذا الحديث أن يكون من أحاديث الصفات أصلا فهو كقوله تعالى: ﴿فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ اللهِ﴾ فلاريب أن لله وجهًا صفة ذات إلا أن هذه الآية ليست من آيات الصفات أصلا، كذلك لاريب أن لله صورة ولكن الصورة في حديث الباب ليست صفةً لذات الباري سبحانه، ولكن الأئمة رووه وسكتوا عن تفسيره حذرا من الزلل والقول على الله بغير علم حتى جاء ابن خزيمة ومن قبله أبوثور فاجتهدا في تفسيره تخليصا للحق من أوهام الخلق، فليس هذا من التحريف ولا من التأويل المذموم في شيء، بل هذا اجتهاد يُمدح ويفخر به مخالفةً للذين عابهم الله بأنهم أمّيّون لايعلمون الكتاب إلا أماني غاية علمهم تلاوة اللفظ دون فهم وتفقه في معانيه، لاسيما وأن أئمة الإسلام الذين رووا هذا الحديث وأمسكوا عن الخوض في معناه إنما آثروا السلامة فسكتوا. 


ولقد أثبتنا لله حقيقة النزول بذاته إلى سماء الدنيا مع تنزيهه -سبحانه- عن اللوازم التي تلزم المخلوق إذا نزل بذاته مِن علۡوٍ إلىٰ سفۡل، لأننا لانملك إلا التسليم لما ثبت بدلالة ظاهرة غير محتملة قد أجمع عليها الأئمة الأعلام ولم ينازع فيها إلا المبتدعة أهل الأهواء والضلالات، أما حديث الصورة فإن دلالته فيها مافيها حتىٰ نازع فيها إمام الأئمة ابن خزيمة، وقد سبقه أبو ثور الذي شبهه الإمام أحمد بسفيان الثوري في الاتِّباع ولزوم السنة فقال فيه:«هو عندي في مسلاخ سفيان الثوري، أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة.» وفيات الأعيان[٢٦/١] .


*لو قيل:- 

        إن إثبات خلق آدم على صورة ذات الرحمن لايستلزم التشبيه؛ فصورة ذاته سبحانه كسائر صفات ذاته لا يشابهه فيها شيء من مخلوقاته إنما هو اشتقاق من المعنى العام للصورة الحسنة لا في الكيفية فحقيقة الصورتين في الواقع مختلفة ومتباينة في أقصى ما يُتصور من التميّز والتغاير والافتراق.


قلتُ:-

     إذن فيلزم أن لا يستوجب شيئا زائدا تجاه صورة آدم فتذهب فائدة الحديث؛ لأن كل الصفات من سمع وبصر وحياة...إلخ لا بد لها من تشابهٍ في أصل المعنى، وبهذا التشابه أمكنَ إدراكُ وفهمُ ما وُصِف اللهُ به من ذلك، ثم تتفاوت الصفات في الواقع الفعلي بحسب الموصوف بها، حتى معنى الوجود له أصل كليّ مشترك وهو معنىً مجرّد في الذهن أما في الواقع فوجود المخلوق غير وجود الخالق ولا نسبة بين الوجودين إلا كالنسبة بين الخالق والمخلوق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في [شرح حديث النزول] صفحـ١١١ـة :-

«ولولا أن هذه الأسماء والصفات تدل على معنىًٰ مشتركٍ كُـلّيٍّ يقتضي من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به نفهم ونثبت هذه المعاني لله لم نكن قد عرفنا عن الله شيئا ولا صار في قلوبنا إيمان به ولا علم ولا معرفة ولا محبة ولا إرادة لعبادته ودعائه وسؤاله ومحبته وتعظيمه، فإن جميع هذه الأمور لا تكون إلا مع العلم، ولا يمكن العلم إلا بإثبات تلك المعاني التي فيها من الموافقة والمواطأة ما به حصل لنا ما حصل من العلم لما غاب عن شهودنا.»

   قلتُ:-

     فهو إذن مناطٌ  منقوض لا يطّرد، وإلا فكل شيء موجود فله اشتقاق من أصل معنى الوجود !

فكذلك وجه الإنسان الذي هو صورته التي بها يُؤلَف ويـُـستأنَس به.

*عن عبد الله بن عمر: نَهى رسولُ اللهِ ﷺ أنْ تضربَ الصُّورة يعني: الوَجْهَ.

قال شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند ٤٧٧٩  : "إسناده صحيح على شرط الشيخين".

وعن عبدالله بن عباس:  قال النبي ﷺ: «الصُّورَةُ الرَّأْسُ، فإذا قُطِعَ الرَّأْسُ، فلاصُورَةَ.».  صححه الألباني، السلسلة الصحيحة ١٩٢١


 وسيأتي أن لبعض التأويلات المأثورة عن أهل السنة من المناسبة بين أول الحديث وآخره ماهو أظهر فائدة وأبلغ في الزجر عن ضرب الوجه وتقبيحه.

والذين تأوّلُوه إنما تمثّلوا توجيه إمامين من أئمة الصحابة علما وعملا، فقد ثبت عن علي بن أبي طالب و عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما:- «إذا حُدِّثتُم عن رسولِ اللهِ ﷺ بحديثٍ فـظُـنُّـوا به الذي هو أهدىٰ والذي هو أتقىٰ والذي هو أهيأ.» رواه أحمد والدارمي وابن ماجه وصححه الألباني.

فأقل ما يُقال:-

 إن التفقه والبحث في مثل هذا الحديث سائغ بل مطلوب وإن كانت بعض التأويلات ظاهرة الفساد ولايحتملها لفظ الحديث ولاتناسب النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه.

وأقل أحوال هذه المسألة أن تكون مما يسوغ فيه الاختلاف فلايُعاب إلا  من تعسف في نصرة رأيه وقصّر في التثبت والتحقق.

  وإنه ليصعب جدا أن يُـتـصور له معنىً يتفق مع:﴿لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦشَیۡءࣱ﴾ إلا إذا كان المراد الصورة التي خلقها الله وأبدعها، كما نقول: هذا البناء تصميم فلان، وكما تُـنسب أي لوحة فنية إلى الذي رسمها فيصح أن نقول لها: هذه صورة الرسام فلان، ونحو ذلك، وإلا كان في الحديث نوع تشبيه أو تكييف لوجه البارئ وصورة ذاته سبحانه وتعالىٰ علوا كبيرا.


 قال ابن تيمية وهو يتحدث عن إضافة الصفات:-

«...فإذا أضيفت إليه عُلِمَ أنها صفة له لكن قد يعبّر باسم الصفة عن المفعول بها فيسمّى المقدور قدرة والمخلوق بالكلمة كلامًا والمعلوم علمًا والمرحوم به رحمة كقول النبيﷺ : «إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مئة رحمة» . وقوله -تعالىٰ- فيما يروي عنه نبـيُّه أنه قال للجنة: «أنتِ رحمتي أرحم بك من أشاء»، ويقال للمطر والسحاب هذه قدرة قادر وهذه قدرة عظيمة ويقال في الدعاء: "غفر الله لك عِلْمَه فيك" أي: معلومَه.» الجواب الصحيح [٣٦٢/١]

فعيسىٰ ابنُ مريم روحُ الله وكلمتُه، أي: خُلِق بكلمة الله:(كن)، لا أنه نفس الكلمة. كما قال الإمام أحمد: «وتفسير: ''رُوح الله" إنما معناها: أنها روحٌ بكلمة الله خلقها الله، كما يُقال: عبد الله وسماء الله وأرض الله.»[الرد على الزنادقة والجهمية] صفحـ٢٥٢ـة بتحقيق دغش العجمي.

وقال الإمام المرزوقي في [شرح الحماسة ٢٨٦] :-

«وهم يضيفون الشيء إلى الشيء لأدنىٰ مناسبة بينهما، سواء كان له أو عليه، أو معه أو فيه، أو من أجله، أو مما يليه.»

قال ابن تيمية:-

 «..بيت الله لايدل على أن الله ساكن فيه، لكن إضافة كل شيء بحسبه، بل بيته هو الذي جعله لذكره وعبادته ودعائه..» مجموع الفتاوى[٤٣٢/٢٠].

وفي الحديث الذي رواه مسلم عن جابر بن عبدالله أن النبيﷺ قال:-

«إِنَّ المرأةَ تُقْبِلُ فِي صورَةِ شيطانٍ، وتُدْبِرُ فِي صورةِ شيطانٍ، فإذا رأى أحدُكُم امرأةً أعجبَتْهُ فليأْتِ أَهْلَهُ، فإِنَّ ذلِكَ يرُدُّ ما في نفسِهِ».

ولايشك عاقل أن المقصود هنا الصورة التي يزينها الشيطان ويفتن بها لاصورة ذاته.


★ولو قيل:-

          إنه بتأويله على الصورة التي خلقها الله تذهب فائدة الحديث لأنه خصص آدم بذلك من بين سائر المخلوقات التي هي على صورة الرحمن التي خلقها لها ؟!

فالجواب:-

*أن الإضافة المعنوية تأتي كثيرا للاختصاص بالتفضيل والتكريم.

كما قال ابن تيمية:-

«..لكن الإضافة تقتضي اختصاص المضاف بصفات تميز بها عن غيره حتىٰ استحق الإضافة، كما اختصت الكعبة والناقة والعباد الصالحون بأن يقال فيهم: "بيت الله" و "ناقة الله" و "عباد الله" ، كذلك اختصت الروح المصطفاة بأن يقال لها: "روح الله". بخلاف الأرواح الخبيثة كأرواح الشياطين والكفار فإنها مخلوقة لله ولاتضاف إليه إضافة الأرواح المقدسة، كما لاتضاف إليه الجمادات كما تضاف الكعبة، ولانوق الناس كما تضاف ناقة صالح التي كانت آية من آياته كما قال تعالىٰ: ﴿هَـٰذِهِۦ نَاقَةُ اللهِ لَكُمۡ ءَایَةࣰ﴾. » الجواب الصحيح [٢٤٠/٢]

     والإنسان خلقه الله على أحسن تقويم، فأضيفت صورته إلى الرحمن تكريما وتفضيلا؛ فإن صورة الآدمي أحسن صورة خلقها الله فهي آية دالة على قدرته وحسن صنعه وبديع خلقه فليس لنا أن نعدو عليها بالفعل ولا بالقول. وعيب الصنعة عيبٌ لصانعها، فلاينبغي تقبيح صورة ميّزها الله ورفعها علىٰ باقي الصور فهي صورته التي اصطفاها ومـيـّـزها على جميع الصور وهذا مناسب جدا لتمييز آدم بمباشرة الرحمن لخلقه بيديه سبحانه وتعالى.


* كل ماسبق إنما هو علىٰ التسليم بصحة لفظ «..على صورة الرحمن»، فقد طُعن فيه وأعله ابن خزيمة بعلل ثلاث وذكر له الألباني علة رابعة شرَحها في السلسلة الضعيفة.

*ولقد أعرض الإمام مسلم عن هذا اللفظ في صحيحه مع عادته المعروفة في ذكر الألفاظ المختلفة للحديث الواحد، فلم يخرجه إلا باللفظ المشهور: «..علىٰ صورته».

 بل لم يرد لفظ «..على صورة الرحمن» في شيء من الكتب الأصول كالكتب الستة ومسند أحمد وموطأ مالك ونحوها من الصحاح والمسانيد والسنن المشهورة التي يقل فيها الغرائب والمناكير.

ولقد أشار ابن قتيبة إلى ركاكة تركيبه لأنه يشبه قولك: "..إن الله خلق آدم على صورة الله"، وكأنه من تصرف بعض الرواة بقصد منع البحث والاجتهاد في مايمكن أن يحتمله لفظ:«علىٰ صورته» من أوجه ومعانٍ، وهذا من التعدي واللجاج كما يقول ابن قتيبة.


★ وما ذُكر آنفا من تأويل إنما بُنِيَ على التسليم أيضا بأن الضمير في: (صورته) راجع إلىٰ ذات الله سبحانه وتعالى.

    وإننا لفي سعة من مرجع الضمير إذ رجوعه إلى المضروب في وجهه أو المقبَّح مناسبٌ تمام المناسبة للنهي عن ضربه، فإن الإنسان بطبعه يشق عليه أن يضرب وجها تشبه صورته صورة أبيه، وما جيء بذكر الأب والوالد (آدم) إلا لتنفير المؤمن من ضرب شبيه أبيه في الصورة وهو مكرّم في أصله ولو استحق القتل والرجم والتعذيب في غير الوجه، فذكّرنا النبي ﷺ بأن آدم أبانا على هذه الصورة فلايصح أن نوقع عليها ضررا معنويا بالقول أو ماديا بالفعل. إلا أن يكون قصاصا العين بالعين والأنف بالأنف وهكذا. أما العقوبات العامة فلا حاجة لإيصالها للوجه ولو كان المضروب يستحق القتل وهذا يشبه عقوبة الحرق بالنار فقد ثبت النهي عنها وقال ﷺ :«إنه لاينبغي لأحد أن يُعذب بعذاب الله».


================

وليس حديث الصورة بأوّل نص تأوّله أهل السنة:-

قال الله تعالى: ﴿وَلِلهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُ فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَ ٰ⁠سِعٌ عَلِیمࣱ﴾

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى [٤٢٩/٢] :-

«..أي قبلة الله ووجهة الله، هكذا قال جمهور السلف وإن عدّها بعضهم في الصفات…وهو الوجه الذي لله والذي أمر الله أن نستقبل. فإن قوله:﴿ولله المشرق والمغرب﴾ يدل على أن وجه الله هناك من المشرق والمغرب الذي هو لله...» 

ومن ذلك ماجاء عن بعض السلف في تفسير: ﴿الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة..﴾ الآية قال: مثَل نوره في قلب المؤمن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى [٤٣٤/٢٠] :-

«وقلنا: المساجد بيوت الله فيها ما بني للقلوب والألسنة من معرفته والإيمان به وذكره ودعائه والأنوار التي يجعلها في قلوب المؤمنين كما في قوله تعالى:﴿الله نور السماوات والأرض﴾ ثم قال: ﴿مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة﴾ إلى قوله: ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع﴾  فبين أن هذا النور في هذه القلوب وفي هذه البيوت كما جاء في الأثر: " إن المساجد تضيء لأهل السماوات كما تضيء الكواكب لأهل الأرض ".»

الخميس، 4 يوليو 2019

وضع القدم في جهنم

قال ابن تيمية في جامع المسائل [٢٣٩/٣] :-

«...وكما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «احتجت الجنة والنار، فقالت الجنة: لا يدخلني إلا الضعفاء والمساكين؛ وقالت النار: يدخلني الجبارون المتكبرون. فقال الله للجنة: "إنما أنت رحمتي أرحم بك من شئت"، وقال للنار: "إنما أنت عذابي أعذب بك من شئت، ولكل واحدة منكما ملؤها". فأما النار فلا يزال يلقى فيها وتقول: "هل من مزيد"، حتى يضع رب العزة فيها -وفي رواية: عليها- قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط! قط».

... وقد يغلط في الحديث قوم آخرون ممثلة أو غيرهم، فيتوهمون أن «قدم الرب» تدخل جهنم. وقد توهم ذلك على أهل الإثبات قومٌ من المعطلة، حتى قالوا: كيف يدخل بعض الرب النار والله تعالى يقول: ﴿لَوۡ كَانَ هَـٰۤؤُلَاۤءِ ءَالِهَةࣰ مَّا وَرَدُوهَا﴾، وهذا جهل ممن توهمه أو نقله عن أهل السنة والحديث، فإن الحديث: «حتى يضع رب العزة عليها -وفي رواية: فيها-، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط وعزتك»، فدل ذلك على أنها تضايقت على من كان فيها فامتلأت بهم، كما أقسم على نفسه إنه ليملأنها من الجنة والناس أجمعين، فكيف تمتلئ بشيء غير ذلك من خالق أو مخلوق؟. وإنما المعنى أنه توضع القدم المضاف إلى الرب تعالى، فتنزوي وتضيق بمن فيها. والواحد من الخلق قد يركض متحركا من الأجسام فيسكن، أو ساكنا فيتحرك، ويركض جبلا فيتفجر منه ماء، كما قال تعالى: ﴿اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب﴾

وقد يضع يده على المريض فيبرأ، وعلى الغضبان فيرضىٰ.»


أقولُ:-

رواية: «فيها» مشهورة مستفيضة ولعلها أكثر وأرجح، وأقل أحوالها أن تكون فهمَ صحابيٍ أو تابعيٍ، فإنّ مقتضىٰ لفظ:«عليها» لاينفي مدلولَ:«فيها» ولايناقضه، وذلك لأن الحرف:(علىٰ) لايمنع المُداخَلة كقوله تعالىٰ: ﴿وَعَلَىٰ ٱلۡفُلۡكِ تُحۡمَلُونَ﴾ بل إنه إذا استعمل للنار كان قريبا جدا في المعنىٰ من:(في) كقوله تعالىٰ: ﴿یَوۡمَ هُمۡ عَلَىٰ ٱلنَّارِ یُفۡتَنُونَ﴾ أي:يُعذَّبون فيها. وبهذا يزول الاختلاف في تفسير قوله تعالىٰ: ﴿وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَا...﴾ فالمرور على الصراط نوع من الدخول فيها، فهو دخولٌ ما، وهو دخولٌ دون دخول، فهو للمؤمنين وُرودٌ غير مستقر.

وهو لغيرهم ثابت مستقر: ﴿یَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیامَةِ فَأوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ﴾


قلتُ:-

فاللجوء إلىٰ رواية:«عليها» لايشفي من ظاهر هذا الحديث.

وما هذا الخبر إلا كخبر نزول الله سبحانه إلىٰ سماء الدنيا وكذلك استواءه سبحانه علىٰ العرش لايلحقه -سبحانه- في ذلك مايلحق المخلوق، فالله أكبر وأجل وأعظم من أن يحويه مخلوق أو يحيط به -سبحانه- يفعل ما يشاء ولاينقصه شيئا من علوه وعظمته وجلاله، كما خلق أبانا آدم بيديه الكريمتين، وهذا هو معنىٰ اسمه "ذو الجلال والإكرام" فلا منافاة بين جلاله وكبير قدره وعلوّ شأنه وبين إكرامه لخلقه واقترابه منهم.

والعرش مخلوق وسماء الدنيا لها أهلها وسكانها والنار لها أهلها وسكانها، ولافرق بينهما في حق الله سبحانه، فالنار نفسها ووقودها وخزنتها عباد لله قانتون لاذمّ عليهم ولاغضاضة فيما هم فيه، ولا يلحقهم ما يلحق الكفار والعصاة من الهوان والذلة فما الظن بالله الكبير المتعال الذي هو رب كل شيء وفاطره ومليكه ومدبره بعلمه وقدرته ومشيئته سبحانه وتعالىٰ علوًّا كبيرا.

أما آلهة الكفار فإنها حصب جهنم تنفعل لها فتحترق وتُحرق عبدتها كالحجارة التي توقد بها النار فيكون هذا برهانا ودليلا قاطعا علىٰ أنها لاتستحق العبادة بل يُعذب بها الكفار كما يُعذب الذين يكنزون الذهب والفضة بها ﴿یَوۡمَ یُحۡمَىٰ عَلَیۡهَا فِی نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَـٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُوا۟ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ﴾.


الاثنين، 4 مارس 2019

الوجه

في جامع المسائل لابن تيمية[49/1]:-


ويجوز في الوجه ماجاز في الذات
فقال الطبري:-
«وقوله ( وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )يقول: والله خير منك يا فرعون جزاء لمن أطاعه، وأبقى عذابا لمن عصاه وخالف أمره.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) : خير منك ثوابا، وأبقى عذابا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب، ومحمد بن قيس في قول الله ( وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) قالا خيرا منك إن أطيع، وأبقى منك عذابا إن عُصي.»